¤ نص الاستشارة:
مشكلتي مع زوجي فهو يكذب علي في أتفه الأمور وأبسطها، مع أنه في كل مرة يقول: أنا أعتذر وهذه آخر مرة، ولكن للأسف أجده يكرر الكذب، لا أعرف ما هو السبب الذي يجعله يقوم بذلك، وعندما أقول له: لماذا تفعل ذلك؟ يقول: لا أعرف.. شيء خارج إرادتي، فهل هذا منطق أن الكذب يكون خارج إرادة الإنسان، أرشدوني ماذا أفعل؟
* الــــرد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الكذب صفة مذمومة، وخلق بغيض، وشيمة ليست من شيم المؤمنين، ولقد حذرنا الإسلام من الكذب، وبغَّضه إلينا النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث، فقال: «عليكم بالصِّدق، فإنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البر، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّة، وما يزال الرَّجل يصدق ويتحرَّى الصِّدقَ حتى يُكتب عند الله صديقاً، وإيَّاكم والكذب، فإنَّ الكذبَ يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النار، وما يزال الرَّجل يكذب ويتحرَّى الكذب حتى يُكتب عند الله كذَّاباً» رواه مسلم.
وهناك الكثير من الأحاديث التي بينت لنا أن الكذب ليس من صفات المؤمنين ولكنه من صفات المنافقين، وليس المجال هنا لإستقصاء تلك الأحاديث وجمعها.
ولقد امتدح الله تعالى نبيه إدريس عليه السلام فقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم:56].
ومن المعلوم أختي الكريمة أن هناك العديد من الأسباب التي تقف وراء مثل هذا السلوك، ولعل من أهمها:
ـ تقدير الذات المنخفض، وقلة الثقة بالنفس.
ـ هناك أسباب تتعلق بالتنشئة الإجتماعية، فقد ينشأ الكذب كسلوك مكتسب متعلم، حيث إن هناك بعض الآباء والأمهات من يكذب أمام الأطفال، وبالتالي فهذا يؤدي إلى التعود على الكذب.
ـ كذلك من الأسباب التي تؤدي إلى الكذب، أسباب تتعلق بالفهم الخاطئ لشرع الله تبارك وتعالى، حيث هناك من يبرر لنفسه أن الكذب حلال على الزوجة في كل المواقف، وفي جميع الأوقات، ويستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيراً وينمي خيراً»، قالت أم كلثوم: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث الحرب والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها، رواه مسلم.
ـ وربما يلجأ الرجل إلى الكذب على زوجته نتيجة إلحاحها عليه لمعرفة كل صغيرة وكبيرة عن حياته، وكثرة سؤاله، والتضييق عليه، وملاحقته بكثرة الإستفسارات.
وإذا أردت أختي الكريمة معالجة الأمر، فعليك أولا بالوقوف على الأسباب الحقيقة التي تقف وراء تعود زوجك على ذلك السلوك، فكما تعلمين أن معرفة أسباب المشكلة هي الخطوة الأساسية والأولى لحلها، وأقترح عليك ما يأتي لعلاج ذلك السلوك عند زوجك.
ـ غضي الطرف عن زلاته، لاسيما وأنها كما ذكرت في رسالتك -في أتفه الأمور وأبسطها.
ـ اقبلي عذره، واعتذاره، واتركي له دائما باباً للرجوع، لعله يقف مع نفسه في يوم من الأيام، ويشعر بحرج موقفه أمامك.
ـ عليك بالحوار الدائم معه عن حياتكما الزوجية، وما الأمور التي تؤدي إلى إستمرار المودة بينكما؟ وما الأشياء التي يمكن أن تكدر صفوها؟.
ـ إنصحي زوجك بلطف، وإستخدمي معه أسلوب الترغيب والترهيب بأن تحببي إليه الصدق، وتذكريه بجزاء الصادقين عند الله تعالى، وخوفيه بالله تبارك وتعالى، وحذريه من عقوبته.
ـ عليك ببث الثقة في نفس زوجك، بأن تشعريه بأنك تثقين في كلامه ثقة كاملة، وأنك تحبينه على كل الأحوال، بيد أنك تحبذين له أن يكون صادقا معك.
ـ لا تثقلي على زوجك بكثرة الأسئلة عن غيابه، وأين كنت؟ ومع من خرجت؟ فإن أكثر ما يكرهه الرجل من زوجته أن يشعر بأنه محل شك منها، وأنه في موضع مراقبة أو تحقيق.
ـ اقرئي معه موقف الثلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك، ومعرفة أن الصدق هو سبب توبة الله عليهما، وسبب نجاتهما من آفة النفاق في الدنيا، ومن عذاب الله تعالى في الآخرة.
ـ لا تجعلي الأمر يؤثر على نفسيتك، ويجرك ذلك إلى العصبية، ويخرجك عن طاعتك لزوجك والمحافظة على علاقتكما.
ـ لا تنسي الدعاء لزوجك في صلاتك، أن يجعله الله صادقا في قوله وفعله، وأن يطهر لسانه من آفة الكذب، وأن يشرح صدره لقول الصدق دائما.
أسأل الله تعالى أن يديم بينكما المودة والرحمة، وأن يصرف عنكما كيد الشيطان.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل...
المصدر: موقع رسالة الإسلام.